حافظوا على فطرة الله ولا تهملوها
الإنسان أكرم مخلوق خلقه الله بيديهِ ، وأسجدَ له ملائكته ، وجعله في
الأرض خليفة ، وأرسل إليه الرسل ، وأنزل عليهم الكتب .. وحباه فطرة قويمة
، تقبل الحقّ ، وتقبل على الخير ، فحَقّ على الآبَاء والمربّين أن يحوطوها
بعنايتهم ، فلا تفسدها الأهواء ، ولا تشَوّهها أيدي العابثين .
عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله
عليه وسلم : ( مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ،
فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ
، كَمَا تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ ، هَلْ تُحِسُّونَ
فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ؟ ) ،
شرح معاني الكلمات :
ـ تُنْتَجُ : تولد ، والنتاج للبهائم كالولادة للإنسان .
ـ البَهِيمَةُ : كلّ ذات أربع قوائم من دوابّ البرّ والبحر ، ما عدا السباع .
ـ جَمْعَاءَ : هي التي لم يذهب من بدنها شيء .
ـ جَدْعَاءَ : هي التي قُطع بعضُ أطرافِها .
صورة من العناية الإلهيّة بطفولة النبيِّ صلى الله عليه وسلم المباركة
حفّت النبيَّ صلى الله عليه وسلم يد العناية الإلهية منذ الصغر ، وحفظتْه
مِن حظّ الشيطان ، فلا سبيل له إلى قلبه بحال ، لأنّها كانت تهيّئه لأعظم
رسالة ، تقود الإنسانيّة إلى ما فيه عزّها وسَعادتها ، وإذا أشرقت
البدايات فلا تَعجب بما تكون عليه النهايات .
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ
يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ ، فَأَتَاهُ آتٍ فَأَخَذَهُ ، فَشَقَّ
صَدْرَهُ ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً فَرَمَى بِهَا ، وَقَالَ :
هَذِهِ نَصِيبُ الشَّيْطَانِ مِنْكَ ، ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَشْتٍ مِنْ
ذَهَبٍ ، مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ ، ثُمَّ لأَمَهُ ، فَأَقْبَلَ الصِّبْيَانُ
إِلَى ظِئْرِهِ ( ) : قُتِلَ مُحَمَّدٌ ، قُتِلَ مُحَمَّدٌ ،
فَاسْتَقْبَلَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَقَدِ انْتَقَعَ
لَوْنُهُ ( ) ، قَالَ أَنَسٌ رضي الله عنه : فَلَقَدْ كُنَّا نَرَى أَثَرَ
المَخِيطِ فِي صَدْرِهِ