لاعب عراقي في المنتخب الايراني بس من طراز خاص
لم يكن تيار الصدر يحتل مكانته الحالية في الخريطة السياسية الإيرانية قبل
الاحتلال الأمريكي للعراق ، فقد كانت هناك أحزاب ومنظمات عراقية شيعية
أخرى تتلقى الدعم الإيراني من أبرزها حزب الدعوة والمجلس الشيعي الأعلى
للثورة الإسلامية ، ولكن بعد الاحتلال تغيرت الرؤى والأجندات ، وأصبح
الراعي الأمريكي سيد الموقف وأوشكت الخيوط أن تفلت من بين الأصابع
الإيرانية ، ولكنها سرعان ما استدعت تيار الصدر من على مقاعد الاحتياط
وبدأت بتفعيله مباشرة حيث نفذ مهامه الأولى بنجاح وهي الانتقام من متنكبي
الطريق الإيراني مثل عبد المجيد الخوئي ، وباقر الحكيم ..
ومع تتبع الأداء السياسي لتيار الصدر في مرحلة الاحتلال الأمريكي يمكن أن
نبرهن بوضوح على أنه تحول إلى أداة طيعة في أيدي مخططي السياسة الإيرانية
، وحسب المفهوم السابق الإشارة إليه " قنبلة لا تنفجر " ، ونذكر من ذلك
بعض الشواهد التي تفيد في توقع مستقبل التبعية الصدرية لإيران في المرحلة
المقبلة ..
أولا : تيار ثوري بلا مطالب : لا أحد يستطيع أن يجزم على وجه التحديد
بأهداف تيار الصدر من مشاغباته الثورية - مجازا - فليست هناك مطالب محددة
، وانتفاضاته التي يقوم بها تنتهي في الغالب بتحقيق رغبات لم تنشأ الحاجة
إليها إلا بتأثير الانتفاضة ، فما الداعي إليها إذن ؟ ..
عندما أعلن عن الاتفاق الأخير بين تيار الصدر والاحتلال الأمريكي أصدر
مكتب الصدر بموجب الاتفاق بيانا إلى أتباعه قال فيه : " إلى كل فرد من
أفراد جيش المهدي الذين ضحوا بالغالي والنفيس ولم يقصروا أمام ربهم ولا
أمام مجتمعهم " ثم دعاهم إلى أن " يرجعوا إلى محافظاتهم للقيام بواجباتهم
وما يرضي الله ورسوله وأهل البيت " ولم يفهم أحد لماذا جاءوا ولا لماذا
رجعوا ؟ ..
ويمكن بمقارنة تيار الصدر بحركة مقاومة أخرى مثل حماس مثلا ، أن نتبين
المأزق الاستراتيجي للصدريين ، فحماس مطالبها واضحة ومحددة وقادتها هم
الذين يحددون أهدافها لأنهم من يحركون كوادرها ، بينما لا يقدم مقتدى
الصدر أي رؤية واضحة ولا يعطي أهدافا مقنعة ، وذلك لأنه ليس من يحرك كوادر
تياره ، وعندما يحدث هذا اللبس لدى قادة أي حركة فإن ذلك يُعد دليلا على
أن قرارها ليس بيدها بل يتم اتخاذه من وراء الكواليس ..
ويؤكد ذلك حجم التناقضات التي يقع فيها التيار ، فقد تحول من رفض المحتل
ورفض المشاركة السياسية والدعوة إلى القتال ، إلى الموافقة على الانتخابات
والإعلان عن تأسيس حزب سياسي ، أي بعبارة أخرى : الدخول في عباءة الاحتلال
الأمريكي ..
وهذا التذبذب في الرؤية والتخبط في اتخاذ القرارات يتضح من تصريحات قيس
الخزعلي الناطق باسم مقتدى الصدر ، والذي يفتح المجال لكل الاحتمالات
وبنفس مستوى التناقض ، فيقول : " هذا الجيش - المهدي - لن ينتهي وجوده مع
تشكيل الحزب السياسي ، وسيشكل الجيش حلقة الوصل بين القيادة الدينية
والقاعدة الشعبية .. لقد عدنا للتنظيم السياسي ونحن مستمرون فيه وسنعود
للتنظيم المسلّح لو أُجبرنا على ذلك " ولا يستطيع أحد أن يفهم من هذه
التصريحات لماذا لجأوا للتنظيم المسلح ؟ ثم ما الذي تغير ليعودوا للتنظيم
السياسي ؟ وما الذي يمكن أن يحدث مستقبلا ولا يحدث الآن لكي يعودوا مرة
أخرى للتنظيم المسلح ؟ وأيضا لم يبين الخزعلي كيف تتحول ميلشيا مكونة من
مرتزقة وغوغاء إلى حلقة وصل بين القيادة الدينية والقاعدة الشعبية ؟ ..
وكانت حكومة الملالي سعيا منها لوضع مقتدى الصدر في الإطار الإيراني بصورة
أكثر وضوحا قد دعته إلى زيارة طهران ، فسافر إلى الحدود الإيرانية برا ثم
نقلته طائرة مع مجموعة من أتباعه إلى طهران حيث أقاموا في شقة فاخرة أعدت
لهم ، والتقى الصدر بالمرشد خامنئي وخاتمي ورفنسجاني ..